للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعرفون بها، لئلا يتوهَّم واحد منا، أنكم من هؤلاء المواقفين لنا، فيصيبكم مكروه"، فجعلوا على رؤوسهم الحشيش، فكانت تلك سيماهم (١)، مما يدلُّ على تفكيره المنظَّم، الذي يتغلغل في تفاصيل الأمور.

٧) إنه مجاهد أصيل، كان له في قتال الروم آثار مشهورة، ومقامات مذكورة (٢) ولكنه كان قاضياً في قيادته، يتحكَّم فقهه وورعه في تصريف أمور جنده، فكان كما قال: "أصابوا من يجري لهم مراكبهم من النواتية، فما أحوجهم إلى من يجريها لهم بالكتاب والسنة" (٣)، فهو يتلو الأوراد ويزمزم ويقرأ سورة (يس) وغيرها من سور القرآن الكريم في أوج معمعان المعركة (٤) ويرفض معاونة غير المسلمين له في حربه، لأنه كان يؤمن إيماناً عميقاً، أنَّ النصر من عند الله، لا من عند أحد غيره.

كان رأس سلاحه في حربه: تقوى الله وحده، وكثرة ذكره، والاستعانة به، والتوكل عليه، والفزع إليه، ومسألته التأييد والنصر والسلامة والظفر (٥)، وكان مقداماً شجاعاً مجاهداً صابراً، يثق بنفسه (٦)، ويثق برجاله، ويبادلونه ثقة بثقة وحباً بحب، له ماضٍ ناصع مجيد.


(١) رياض النفوس ١/ ١٨٨؛ ومعالم الإيمان ٢/ ٦.
(٢) رياض النفوس ١/ ١٧٣.
(٣) رياض النفوس ١/ ١٨٧.
(٤) قضاة الأندلس ٥٤، وزَمْزَمَ: صَوَّت من بعيد تصويتاً له دوي غير واضح.
(٥) مختصر سياسة الحروب ١٥؛ وانظر: الأحكام السلطانية ٦.
(٦) كان أسد يقول: "أنا أسد، والأسد خير الوحوش. وأبي فرات، والفرات خير الماء.
وجدي سنان، والسنان خير السلاح" انظر: الحلة السيراء ٢/ ٣٨٠، والمكتبة ٣٣١.

<<  <   >  >>