للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الإسكندرية لتسهيل عودتهم إلى بلادهم على سفن جنوا وبيزا وفينيسيا ومارسيليا، إلاَّ أنَّ قادة هذه السفن امتنعوا عن نقلهم معهم إلى أوروبا دون أن يتقاضوا منهم أجور السفر قبل الرحيل ودون أن يتزوَّد كل واحد منهم بزاد يكفيه طيلة أيام سفره. ولما طلب قادة هذه السفن من الحاكم العربي لميناء الإسكندرية أن يعيد إليهم أجهزة السفن التي أودعوها مخازن الميناء طبقاً لما كان متَّبَعاً في ذلك الوقت، وكان قد تبيَّن للحاكم أن هذه السفن تمتنع عن نقل أولئك اللاجئين من جنود الصليبيين لعجزهم عن أداء نفقات السفر، فدُهشَ لتصرُّف تجار الغرب الذين لم يتحرَّجوا من ترك أبناء جنسهم ودينهم تحت رحمة الأقدار يعيشون على صدقات العرب، مؤثرين على نقلهم في سفنهم نقل السلع ومختلف البضائع، ولم يقبل قادة السفن وساطة الحاكم العربي لإعادة الصليبيين إلى بلادهم إلا بعد أن قامت السلطات العربية بتقديم جميع المؤن التي تكفيهم طوال أيام رحلتهم.

وقد أصرَّ الحاكم العربي على إلزام قادة السفن برعاية مَن حملتهم سفنهم من الصليبيين، واشترطوا على أنفسهم في وثيقة مكتوبة ألا ينزلوا أحداً منهم إلا في موانئ بلاده، وأن يعتبروهم في ظلِّ الحماية الإسلامية حتى يبلغوا برّ الأمان في شواطئ فرنسا وإيطاليا.

يقول (شامب دور): "هكذا كان سلوك المسلمين والعرب في حربهم مع الصليبيين المنهزمين واللاجئين بعد اندحار حملتهم وإخفاقها ... وإنه لموقف كريم حقاً وإنساني إذا قورن بموقف بني جنسهم الذين امتنعوا عن معاونتهم ما لم يتقاضوا الثمن نقداً وسلفاً ... ". وهكذا كان موقف الشرق من الغرب في ظل صلاح الدين، ذلك البطل الذي تعتبر سيرته

<<  <   >  >>