وهكذا تهيَّأت أسباب الدفاع المديد لهذه المدينة: أسباب طبيعية، وأسباب صناعية، مما جعلها موقعاً حصيناً وقلعةً آمنة، ومن الصعب على الغزاة احتلالها.
كما أنَّ هذه المدينة تحتلّ موقعاً فريداً في العالم، فهي تقع عند ملتقى القارَّتين آسيا وأوروبا.
وقد نوَّه نابليون بوجهٍ خاص بأهميّتها وخطورتها، فقال في شأنها:"لو كانت الدنيا مملكة واحدة لكانت القسطنطينية أصلح المدن لتكون عاصمة لها". وقد ذكر نابليون في مذكراته التي كتبها في منفاه بجزيرة (سانت هيلانا): أنه حاول عدَّة مرات الاتفاق مع روسيا على اقتسام الإمبراطورية العثمانية، ولكن وقعت القسطنطينية كل مرَّة عقبة كؤوداً دون الاتفاق، فقد كانت روسيا تلحّ في امتلاكها، ونابليون يصرّ على عدم تسليمها، إذ كانت هذه المدينة وحدها في نظره تساوي إمبراطورية كاملة، وهي بعد بمثابة مفتاح العالم، من استولى عليها استطاع أن يسيطر على العالم بأجمعه. وقد كان نابليون في أشد الحاجة إلى صداقة روسيا لمواجهة عدوَّته اللدود إنكلترا، ولكنَّه برغم ذلك لم يستطع أن يضحّيَ بالقسطنطينية (١).
ومن المعروف أن الإمبراطورية العثمانية عندما شاخت، أصبح الغربيون يطلقون عليها اسم:(الرجل المريض)، وقد استطاع هذا المريض أن يبقى حيّاً بفضل مدينة القسطنطينية، لأنَّ الروس والبريطانيين والفرنسيين والألمان وغيرهم من دول الاستعمار، كانوا