للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القلعة التي بناها بايزيد الأول على الشاطئ الآسيوي عند أضيق موضع من القناة، ليُحكِم بذلك إغلاق هذا الممر المائي ويحول دون وصول أي مساعدة قد تأتي من اتجاه البحر الأسود.

وكانت القلعة الجديدة مواجهة لأسوار القسطنطينية وعلى بعد نحو خمسة أميال من تلك الأسوار.

وقد استقدم الفاتح مواد البناء وآلاف العمال والبنّائين من جميع أنحاء إمبراطوريته، واشترك بنفسه مع كبار رجال دولته والقضاة والفقهاء في أعمال البناء، فخلعوا ملابسهم الزاهية الثمينة وانتشروا بين العمال وزاحموهم بمناكبهم في نقل الأتربة والأحجار ومواد البناء.

وازدادت مخاوف قسطنطين واشتدَّ هلعه وتبخّر غروره، فلم يعد يطالب بمضاعفة نفقات الأمير أورخان، بل بعث إلى السلطان الفاتح يتضَّرع ويلتمس منه أن يكفّ عن بناء القلعة! وأجاب الفاتح رسل قسطنطين: "ليس فيما أقوم به ما يهدِّد مدينتكم، إنما هي أسباب الحيطة أَتَّخِذها لدولتي، وليس في ذلك أي نقض للعهد. إن لكم القسطنطينية بأسوارها، وليس لكم وراء ذلك من شيء! هل نسيتم ما انتاب والدي من الفزع عندما تحالف إمبراطوركم مع المجر وأراد منعه من عبور البحر إلى أوروبا، وسدَّت سفنه المضيق، فاضطرَّ مراد أن يستعين بالجنويين؟ لقد كنت حينذاك في أدرنه، وكنت لا أزال فتىً يافعاً، وقد ارتعد المسلمون من الخوف والفزع، وكنتم تسخرون منهم وتشتمون. لقد أقسم والدي في موقعة (وارنه) ليقيمنَّ قلعة ههنا على الشاطئ الأوروبي، وها أنذا أبرّ بيمينه،

<<  <   >  >>