لذلك كانت مهمة محمد الفاتح في فتح القسطنطينية شاقة وعسيرة، فلا عجب أن يبذل ما بذله من جهود جبَّارة مضنية إعداداً لقواته المسلَّحة البحرية والبريّة على حدٍّ سواء، وفتح خزائنه على مصراعيها لإكمال استعداداته العسكرية، حتى ينهض بهذا الواجب الشاق العسير.
كانت خطة الفاتح لحصار المدينة تتلخَّص بتقسيم قوَّاته إلى ثلاثة أقسام:
أ) الميمنة، وتتألف من جنود الأناضول بقيادة إسحاق باشا ومحمود بك، وتمتدّ من بحر مرمرة أقصى جناحها الجنوبي إلى (طوب قبو).
ب) الميسرة، وتتألف من جنود أوروبا والمجاهدين والجنود غير النظاميين بقيادة (قره جه باشا)، وتمتدّ من ميناء القرن الذهبي أقصى جناحها الشمالي إلى باب (أدرنه) بمواجهة السور.
ج) القلب، ويتألف من جنود الانكشارية والجنود المختارة بقيادة محمد الفاتح، ويواجه الجزء الأوسط من السور الذي يمتد من (طوب قبو) إلى باب (أدرنه)، وهذا الجزء من السور يعتبر أضعف جزء فيه، إذ يقع في وادي (ليكوس)، وقد وجَّه إليه أشد الهجوم.
وقد أقام الفاتح مقرّ قيادته خلف القلب.
والواقع أن هذه الخطَّة مرنة جدّاً، إذ ولَّى كل قسم من أقسام جيشه قيادة خاصة به، وأعطى حرية العمل للقادة ضمن قواطعهم تطبيقاً للخطة العامة وتنفيذاً لتفاصيلها، ومع ذلك سيطر على زمام القيادة العليا، لتأمين التعاون الكامل بين قواته في الحصار.
ولكي يحرم القسطنطينية من معاونة الجنويين في حي (غلطه) أمر