معجزاته، وسيكون من حظّنا ما أشاد به هذا الحديث من التمجيد والتقدير؛ فأبلغوا أبناءنا العساكر فرداً فرداً، أنَّ الظفرَ العظيم الذي سنحرزه سيزيد الإسلام قدراً وشرفاً، ويجب على كل جندي أن يجعل تعاليم شريعتنا الغرَّاء نصب عينيه، فلا يصدر عن أحد منهم ما يجافي هذه التعاليم، وليتجنبوا الكنائس والمعابد ولا يمسُّوها بأذى، ويدعوا القسس والضعفاء والعجزة الذين لا يقاتلون".
وأخلد الجنود العثمانيون إلى الراحة والنوم استجماماً للقوة والنشاط واستعداداً للقتال الذي أزف موعده، وخيَّم على المعسكر الإسلامي سكون عميق شامل أثار دهشة سكان القسطنطينية وأثار فيما بينهم كثيراً من التساؤل والقلق، وأحسَّ الناس في المدينة أن هبوب العاصفة قد اقترب، وأن الهجوم العام وشيك الوقوع، فدقّت أجراس الكنائس تدعو الناس إلى الصلاة والدعاء والاستعداد والتأهب.
وأرهقت أعصاب كثير من المحصورين في هذا الجو المتوتّر، وضاقت بهم أنفسهم وعيل صبرهم، ففرُّوا إلى معسكر المسلمين ينشدون فيه الأمن والسلامة والطمأنينة لأنفسهم، فأحسن المسلمون لقياهم ومعاملتهم. وقد التجأ إلى المعسكر الإسلامي فيمن التجأ الراهب (بترو) في ثلاثمئة من أصحابه، فأكرمهم المسلمون وأحسنوا معاملتهم. ووقع ذلك موقعاً حسناً في نفس الراهب وشرح الله صدره للإسلام، فأسلم وعُرِف منذ ذلك الحين بمحمد بترو.
وكانت الجاسوسية تعمل بحذق ونشاط من جانبي الروم والعثمانيين على السواء، فكانت لقسطنطين عيون وجواسيس في المعسكر