١ - أما بعد، فقد أطلعني صديقي الكريم اللواء الركن محمود شيت خطاب على كتابه القيم "بين العقيدة والقيادة"، واستمعت إلى بعض قليل منه في مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية.
وإن الكتاب يكون صورة من كاتبه في تفكيره في المعقول، ومظهراً لذوقه وإدراكه في المنقول؛ ولا ينفصل الكتاب الذي يكون ثمرة لجهود كاتبه، عن صاحبه؛ كما لا ينفصل السبب عن المسبب واللازم عن الملزوم لأنه صورة منه، وصورة طور من أطوار نفسه.
ولا يمكن أن يتبين الأثر إلا إذا تعرضنا بالبيان لمن أوجده.
ولذا كان لا بد أن نتعرض بكلمة للكاتب، قبل أن نتصدى للمكتوب، كما لا نعرف النتائج من غير معرفة مقدماتها.
٢ - وإن صديقي الكريم اللواء الركن محمود شيت خطاب، القائد العظيم المدرك، والوزير المخلص - وقليل ما هم - سعدْتُ بمعرفته من نحو أربع سنين أو أقل، والمدة في الحالين لا تزيد؛ ولكني بمجرد أن التقيت به أحسست بأني أعرفه منذ سنين تعد بالعشرات، لا بالآحاد، وكأن الأرواح قد تعارفت قبل أن تتلاقى الأشباح، وكأن الصورة قد رأيتها، وما لقيتها؛ لأن الأرواح تتألف وتسبق الائتلاف، وتتقارب وتسبق الاقتراب؛ ولذلك سرعان ما تصادقنا عندما التقيت به، وكأن صداقتنا ترجع بالماضي إلى آماد، لا إلى وقت قريب.
إذا اجتمعنا منفردَيْن أو في جمع، وتبادلنا الأفكار، أحسست بأني لا أنوي فكرة إلا سبقني إليها، وقد أُسارع إلى القول بما في خاطره، قبل أن يبديه؛ وكان ذلك لامتزاج نفوسنا، وصفاء ما في نفسه،