للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحريم التطفيل، وهو الذي تسميه العرب الضيفن, وقد صنف الخطيب البغدادي في ذلك كتاباً في ذم الطفيليين, وذكر من أخبارهم أشياء يطول إيرادها.

ثم قال تعالى: {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا}، وفي صحيح مسلم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا دَعَا أَحَدُكُم أخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرساً كان أو غيره» (١).

وفي الصحيح أيضاً عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «لو دُعيتُ إلى ذِراعٍ لأجبتُ، ولو أُهدِي إليَّ ذِراعٌ أوْ كُرَاعٌ لقبِلْتُ» (٢)؛ ولهذا قال تعالى: {وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} أي كما وقع لأولئك النفر الثلاثة الذين استرسل بهم الحديث, ونسُوا أنفسهم حتى شق ذلك على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - , كما قال تعالى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ}.

وقيل: المراد إن دخولكم منزله بغير إذنه كان يشق عليه ويتأذى به, ولكن كان يكره أن ينهاهم عن ذلك من شدة حيائه - صلى الله عليه وسلم - حتى أنزل اللَّه عليه النهي عن ذلك؛ ولهذا قال تعالى: {وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} أي ولهذا نهاكم عن ذلك وزجركم عنه.

ثم قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن، كذلك لا تنظروا


(١) مسلم، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، برقم ١٠٠ - (١٤٢٩)، وأصله في الصحيحين.
(٢) البخاري، كتاب الهبة، باب القليل من الهبة، برقم ٢٥٦٨، ورقم ٥١٧٨.

<<  <   >  >>