للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الافتتان، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك؟!» (١).

الدليل السادس: حديث أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ» (٢).

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزهري - رحمه الله -: «نَرَى -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ» (٣).

يؤخذ من هذا الحديث: أنّ النساء كنّ يقمن عقب الصلاة مباشرة، بإقرار من النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلمه، مما يدلُّ على مشروعية ذلك، ومع ثبوت الفضل في بقاء المصلي في مصلاه في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْه» (٤)، إلا أنهنّ كنّ يبادرن بالانصراف تجنبًا للاختلاط بالرجال، وهذا يدل على أنّ درء مفسدة الاختلاط مقدّمة على نافلة البقاء في المصلّى لتحصيل الفضل المذكور.

وقد بوّب البيهقي الشافعي - رحمه الله - في السنن الكبرى على هذا الحديث بقوله: «باب مكث الإمام في مكانه إذا كانت معه نساء كي ينصرفن قبل الرجال» (٥).


(١) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم، ١٠/ ٤٢.
(٢) البخاري، كتاب الصلاة، باب التسليم، برقم: ٨٣٧.
(٣) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب صلاة النساء خلف الرجال، بعد الحديث ٨٧٠.
(٤) البخاري، كتاب المساجد، باب الحدث في المسجد، برقم ٤٤٥.
(٥) سنن البيهقي، ٢/ ١٨٢.

<<  <   >  >>