للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى، فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد، ولا يمكن إخفاؤها، والزينة الثانية هي الزينة الباطنة التي لا يجوز إبدؤها إلاّ لأناس مخصوصين، سواء كانت من صنع اللَّه تعالى، كالوجه، أم من صنع الآدميين، كثياب الجمال الباطنة التي يتزين بها، ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأولى، والاستثناء في الثانية فائدة معلومة» (١).

٣ - قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}.

وهذا يتضمن أمر النساء بتغطية وجوههن ورقابهن، وبيان ذلك أن المرأة إذا كانت مأمورة بسدل الخمار من رأسها على جيبها لتستر صدرها، فهي مأمورة ضمنًا بستر ما بين الرأس والصدر، وهما الوجه والرقبة، وإنما لم يُذكر هاهنا واللَّه أعلم؛ للعلم بأن سدل الخمار إلى أن يضرب على الجيب لا بد أن يغطيهما.

والاختمار لغة على تغطية الوجه، قال بعضهم في وصف امرأة بالجمال وهي مخمرة وجهها:

قل للمليحة في الخمار المذهب ... أفسدت نسك أخي التّقَى المذهب

نور الخمار ونور خدِّك تحته ... عجباً لوجهك كيف لم يتلهَّبَ (٢)


(١) رسالة الحجاب، ص ٨.
(٢) ذكره في يتيمة الدهر، ونسبه لأبي علي التنوخي، ٢/ ٤٠٦، برواية: (المترهب) بدلاً من (المذهب) في البيت الأول، وذكره وبمثله رواه في وفيات الأعيان، ٤/ ١٦٠.

<<  <   >  >>