للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ» (١)، وَخِيَارُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا، وَالْفِعْلُ الْوَاحِدُ فِي الظَّاهِرِ يُثَابُ الْإِنْسَانُ عَلَى فِعْلِهِ مَعَ النِّيَّةِ الصَّالِحَةِ، وَيُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ مَعَ النِّيَّةِ الْفَاسِدَةِ، فَمَنْ حَجَّ مَاشِيًا لِقُوَّتِهِ عَلَى الْمَشْيِ، وَآثَرَ بِالنَّفَقَةِ، كَانَ مَأْجُورًا أَجْرَيْنِ: أَجْرَ الْمَشْيِ، وَأَجْرَ الْإِيثَارِ، وَمَنْ حَجَّ مَاشِيًا بُخْلًا بِالْمَالِ، إضْرَارًا بِنَفْسِهِ، كَانَ آثِمًا إثْمَيْنِ: إثْمَ الْبُخْلِ، وَإِثْمَ الْإِضْرَارِ، وَمَنْ حَجَّ رَاكِبًا؛ لِضَعْفِهِ عَنِ الْمَشْيِ؛ وَلِلِاسْتِعَانَةِ بِذَلِكَ عَلَى رَاحَتِهِ لِيَتَقَوَّى بِذَلِكَ عَلَى الْعِبَادَةِ، كَانَ مَأْجُورًا أَجْرَيْنِ، وَمَنْ حَجَّ رَاكِبًا يَظْلِمُ الْجَمَّالَ وَالْحَمَّالَ، كَانَ آثِمًا إثْمَيْنِ.

وَكَذَلِكَ اللِّبَاسُ: فَمَنْ تَرَكَ جَمِيلَ الثِّيَابِ، بُخْلًا بِالْمَالِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجْرٌ، وَمَنْ تَرَكَهُ مُتَعَبِّدًا بِتَحْرِيمِ الْمُبَاحَاتِ، كَانَ آثِمًا، وَمَنْ لَبِسَ جَمِيلَ الثِّيَابِ إظْهَارًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ، وَاسْتِعَانَةً عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، كَانَ مَأْجُورًا، وَمَنْ لَبِسَهُ فَخْرًا وَخُيَلَاءَ، كَانَ آثِمًا، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ» (٢).

٣ - عن عبد اللَّه بن مسعود - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً؟، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ


(١) أخرجه أحمد، ٩/ ٤٧٦، برقم ٥٦٦٤، والنسائي فى الكبرى، ٥/ ٤٦٠، برقم ٩٥٦٠، وابن ماجه، كتاب اللباس، باب من لبس ثوب شهرة من الثياب، برقم ٣٦٠٦، واللفظ له، والبيهقي في شعب الإيمان، ٥/ ١٦٨، وأبو يعلى، ١٠/ ٦٢، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، برقم ٢٩٠٦، وقال محققو المسند، ٩/ ٤٧٦: «حديث حسن» ..
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ٢٢/ ١٣٨ - ١٣٩.

<<  <   >  >>