للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: الأدلة من الإجماع على وجوب تغطية وجه المرأة وتحريم السفور:


= وإذا قال قائل: كيف تغمز حديث أسماء بنت أبي بكر، المروي في سنن أبي داود، بعنعنة الوليد بن مسلم، وقتادة بن دِعامة السدوسي مع أنهما من رُواةِ الصحيحين؟
قلت: إنَّ عنعنة المدلِّسين مقبولة في الصحيحين وشبههما، لما سيأتي بيانه، أما في غيرهما فيحكم عليها بالتفصيل الذي تقدم ذكره عن ابن الصلاح، وهو أنَّ المدلِّس إذا صرَّح بالسماع قُبِل، وإن لم يُصَرِّح بالسماع فحكمه حكم المرسل، قال الزين: وإلى هذا ذهب المتأخرون.
ففي تقريب النووي، وشرحه للسيوطي: « ... فما رواه بلفظ محتمِل لم يبين فيه السماع فمرسل لا يُقبل، وما بُيّن: كسمعتُ، وحدثنا، وأخبرنا، وشبهها، فمقبول يحتج به، وفي الصحيحين وغيرهما من هذا الضرب كثير، كقتادة، والسفيانين، وغيرهم: كعبد الرزاق، والوليد بن مسلم؛ لأن التدليس ليس كذبًا، وإنما هو ضرب من الإيهام؛ وهذا الحكم جارٍ - كما نص عليه الشافعي - فيمن دلَّسَ مرة واحدة.
وما كان في الصحيحين وشبههما من الكتب الصحيحة عن المدلسين بعن فمحمول على ثبوت السماع له من جهة أخرى، وإنما اختار صاحب الصحيح طريق العنعنة على طريق التصريح بالسماع؛ لكونها على شرطه دون تلك، وفصَّل بعضهم تفصيلًا آخر فقال: إن كان الحامل له على التدليس تغطيةَ الضعيف فَجرح؛ لأنَّ ذلك حرام وغش، وإلا فلا» [تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، ١/ ٢٢٩ - - ٢٣٠، وانظر: - - أيضًا - - تنقيح الأنظار، ١/ ٣٥٣ - - ٣٥٦].
وبناء على ما تقدم: فحديث أسماء الذي رواه أبو داود: ضعيف؛ لعنعنة الوليد بن مسلم، وقَتادة بن دِعامة السدوسي، وهما وإن كانا ثقتين، إلا أنهما مُدَلِّسان، ولم يُصَرِّحا بالسماع.
ومن كان على هذه الحالة لا يُقبل حديثه ما لم يُصرِّحْ بالسماع، أو يَرْوِهِ صاحبا الصحيحين وشبههما، كما تقدم تفصيله.
د) كما صحَّ عن عائشة - رضي الله عنها - العمل بخلاف ذلك، وقولها بوجوب ستر الوجه والكفين لغير أمهات المؤمنين [انظر: كتاب حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، للدكتور فؤاد البرازي، ص ١٤٣ - ١٧٦ بتصرف، وانظر: ص ١٧٩ - ١٩٨ من كتابه هذا].

<<  <   >  >>