للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ قَوْلهمْ: نَزَلَ فُلَان حَجْرَة مِنْ النَّاس أَيْ مُعْتَزِلًا» (١).

وهذا الحديث يدل على أمور، منها:

الأول: أنّ استعمال لفظة «الاختلاط» على هذا المعنى معروفٌ من فجر الإسلام، فهو لفظ أصيل واستعمالٌ سلفيٌّ معروف، وليس مصطلحًا دخيلاً كما ادّعى البعض!.

الثاني: أنّ ترك الاختلاط بالرجال، حتى في الطواف هو هدي الصالحات الطاهرات أمهات المؤمنين، مع أنهنّ أبعد النساء عن الافتتان ونحوه.

الثالث: أن الاختلاط بالرجال مستنكرٌ في ذلك الزمن المفضّل؛ ولذلك قال ابن جريج متعجبًا مستنكرًا: «كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ!».

الرابع: أنّ الفرق بين الاختلاط الممنوع، وبين وجود النساء مع الرجال في مكان واحد مع التباعد التام بينهم والتميُّز - كمؤخرة المسجد ونهاية المطاف وحافة الطريق- كان مستقرًّا عندهم (٢).

الدليل العشرون: حديث ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» (٣).

ففي هذا الحديث النهي عن الدخول على المرأة إلا أن يكون معها


(١) المرجع السابق.
(٢) انظر: الاختلاط بين الجنسين، ص ٤٢.
(٣) البخاري، كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، برقم ١٨٦٢، ومسلم، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، برقم ١٣٤١.

<<  <   >  >>