للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُقْبِلَةٍ لاَ نَظُنُّهُ عَرَفَهَا، فَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ مِنْ أَيْنَ جِئْتِ؟». قَالَتْ: جِئْتُ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ، رَحِمْتُ إِلَيْهِمْ مَيِّتَهُمْ، وَعَزَّيْتُهُمْ» (١).

فقد ظن الصحابة - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعرف هذه المرأة التي مرت من عنده، لأنها كانت مستترة، ولكنه عرفها، وقال لها: «يا فاطمة» (٢).

الدليل الحادي والعشرون: حديث جَابِرٍ بن عبد اللَّه - رضي الله عنهما - قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ»، قَالَ: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا» (٣).

وقد بيّن العلامة صفي الرحمن المباركفوري - رحمه الله -: أن هذا الحديث يدل على تحريم السفور، وعلى فرضية احتجاب النساء


(١) أحمد، ١١/ ١٣٧، برقم ٦٧٤٥، وأبو داود، كتاب الجنائز، باب في التعزية، برقم ٣١٢٥، والبيهقي في السنن الكبرى، ٤/ ٦٠، وفي دلائل النبوة له، ١/ ١٩٢، والحاكم، ١/ ٣٧٣، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
(٢) انظر: عودة الحجاب للمقدم، ٣/ ٣٢٩.
(٣) أخرجه الإمام أحمد، ٢٢/ ٤٤٠، برقم ١٤٥٨٦، وأبو داود، كتاب النكاح، باب فِي الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا، برقم (٢٠٨٢) في النكاح باب الرجل ينظر إلى المرأة، وهو يريد تزويجها، والحاكم، ٢/ ١٦٥، وقال: «صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي، والبيهقي، ٧/ ٨٧، وقال الحافظ في بلوغ المرام: «رجاله ثقات»، وقال في الفتح: «وسنده حسن، وله شاهد من حديث محمد بن مسلمة». فتح الباري، ٩/ ٨٧، وقال الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، ٦/ ٢٠١: «فالسند حسن، وقد حسنه الحافظ». وانظر تمام تخريجه في: الاستيعاب فيما قيل في الحجاب، ص ١٠٧.

<<  <   >  >>