للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما جاء في «المسند» عن عبد اللَّه أبي عبد الرحمن قال: «سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: جَاءَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَاسْتَأْذَنُوا عَلَى أَبِي الْأَشْهَبِ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَقَالُوا: حَدَّثَنَا، قَالَ: سَلُوا، فَقَالُوا: مَا مَعَنَا شَيْءٌ نَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَقَالَتْ ابْنَتُهُ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: سَلُوهُ عَنْ حَدِيثِ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ» (١).

الشبهة التاسعة عشرة: استدلال دعاة الاختلاط بأحاديث جاءت في ذكر الأسواق، والبيع والشراء، ولا حجة لهم في ذلك؛ لأنها طرقات لا مواضع جلوس وقرار فضلاً عن الخلوة، ومع هذا فهذه الاستثناءات لم يرتضها الصحابة تمام الرضا، وإنما خففوا فيها بلا مبالغة للحاجة إليها، فقد روى أحمد عن علي - رضي الله عنه - قال: «بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج في السوق، أما تغارون! ألا إنه لا خير فيمن لا يغار» (٢).

الشبهة العشرون: احتجاج دعاة الاختلاط، وقولهم: إن الاختلاط لم يضبطه الفقهاء مثل الخلوة:

فهذه دعوى من جهة الإطلاق لا تستقيم على قدم التحقيق، لما سبق، ثم إن الخلوة تعلقها بمسائل الفقه ظاهر بخلاف تعلق الاختلاط، فالاختلاط لا تتعلق به مسائل فقهية تتصل بأبواب العقود والفسوخ مثل الخلوة، فالفقهاء يوردون الخلوة في مسألة إثبات


(١) مسند أحمد، ٣٣/ ٤٠١، برقم ٢٠٢٧٦، وحسن إسناده محققو المسند.
(٢) مسند أحمد، برقم ١١١٨، وقال محققو المسند، ٢/ ٣٤٣: «إسناده ضعيف»، وتقدم تخريجه.

<<  <   >  >>