للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجوه والأيدي أمام الأجانب، وإيضاح ذلك أن المرأة كثيرَاً ما تكشف وجهها وكفيها ظنًّا منها أنها بمأمن من نظر الأجنبي، بينما تكون هي بمرأى منه، مثلاً تمر في طريق خالية من الرجال، فتكشف وجهها، ويكون رجل عند باب غرفته أو شباكها أو في شرفة أو على سقف أو في ناحية أخرى يراها، وهي لا تشعر به، كذلك ربما تضطر المرأة إلى كشف بعض جسدها لأمر ما، كما أنها ربما ينكشف بعض أعضائها من غير خيار منها، أو من غير أن تشعر بانكشافه - وقد أسلفنا بعض هذا - وربما تكون المرأة غير مسلمة أو مسلمة اجترأت على هتك أوامر اللَّه، وكشفت بعض أعضائها تعمدَاً - وقد عمت به البلوى في هذا الزمان - فالسبيل في هذه الصور وأمثالها أن يؤمر الرجل بغض البصر، وليس من مقتضيات هذا أن يجوز للمرأة كشف وجهها من غير عذر أو حاجة أو مصلحة» (١).

الدليل التاسع عشر: حديث فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - رضي الله عنها -:أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ»، وفي رواية أخرى: ثلاث تطليقات»، وَهُوَ غَائِبٌ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: «تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي (٢)،

اعْتَدِّي عِنْدَ


(١) مجلة الجامعة السلفية، عدد نوفمبر وديسمبر، ١٩٧٨م.
(٢) قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي - رحمه الله - في "عارضة الأحوذي: «(قوله لها: «تلك امرأة يغشاها أصحابي» قيل في ذلك وجهان: أحدهما: أن ذلك قبل نزول الحجاب، وهو ضعيف؛ لأن مغيب عليّ إلى اليمن حين سافر معه زوج فاطمة كان بعد نزول الحجاب بمدة.

الثاني: وهو الصحيح: أن أم شريك كانت مبجلة رجلة، فكان المهاجرون والأنصار يداخلونها بجلالتها ورجولتها، فلم يكن ذلك موضع تحصين لكثرة الداخل فيه والخارج، وعسر التحفظ فيه، فنقلها منه إلى دار امرأةٍ لها زوج أعمى، فتكون في حصانة من الرجال، وفي ستر من ضراوة الرجل المختص بذلك المنزل». [٥/ ١٤٦].

<<  <   >  >>