للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجبلة: الخُلُق، ومنه قوله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} (١).

فتحذيره - صلى الله عليه وسلم - هذا التحذير البالغ من دخول الرجال على النساء، وتعبيره عن دخول القريب على زوجة قريبه باسم الموت، دليل صحيح نبوي على أن قوله تعالى: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} عام في جميع النساء كما ترى، إذ لو كان حكمه خاصاً بأزواجه - صلى الله عليه وسلم -، لما حذَّر الرجال هذا التحذير البالغ العامِّ من الدخول على النساء.

وظاهر الحديث التحذير من الدخول عليهن، ولو لم تحصل الخلوة بينهما، وهو كذلك، فالدخول عليهن، والخلوة بهن كلاهما محرم تحريمًا شديداً بانفراده، كما قدمنا أن مسلماً - رحمه الله - أخرج هذا الحديث في باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، فدلَّ على أن كليهما حرام» (٢).

وقال ابن حجر في فتح الباري في شرح الحديث المذكور: «إِيّاكُم والدُّخُول»، بِالنَّصبِ عَلَى التَّحذِير، وهُو تَنبِيه المُخاطَب عَلَى مَحذُور لِيَحتَرِز عَنهُ كَما قِيلَ: إِيّاكَ والأَسَد، وقَوله: «إِيّاكُم» مَفعُول بِفِعلِ مُضمَر تَقدِيره اتَّقُوا.

وتَقدِير الكَلام اتَّقُوا أَنفُسكُم أَن تَدخُلُوا عَلَى النِّساء، والنِّساء أَن يَدخُلنَ عَلَيكُم. ووقَعَ فِي رِوايَة ابن وهب بِلَفظِ: لا تَدخُلُوا عَلَى


(١) سورة الشعراء، الآية: ١٨٤.
(٢) أضواء البيان، ٦/ ٥٩٢ - ٥٩٣.

<<  <   >  >>