للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على فخذه، فأبت ووضعت ركبتها على فخذه، وسترها رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وحملها وراءه، وجعل رداءه على ظهرها ووجهها، ثم شده من تحت رجلها، وتحمَّل بها، وجعلها بمنزلة نسائه» (١).

وهذا الحديث من أدلة الوجوب أيضاً؛ لأنه من فعله - صلى الله عليه وسلم - بيده الكريمة، فهو عمل كامل، حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - ستر جسمها كله، وهذا هو الحق الذي يجب اتباعه، فهو القدوة الحسنة، ولو لم يكن دليل من النصوص الشرعية على وجوب ستر المسلمة وجهها، وجميع بدنها، ومقاطع لحمها إلا هذا الحديث الصحيح، لكفى به موجبًا وموجهاً إلى أكمل الصفات» (٢).

وقصة صفية هذه لا تدل على اختصاص الحجاب بأمهات المؤمنين، بل على عكس من ذلك تدل عل عمومه لهن ولنساء المسلمين؛ لأن السياق يصرح تمام التصريح بأن الصحابة كانوا مترددين في أمر صفية أنها مملوكة سُرِّيَّةٌ أو حرَّة متزوجة؟ وأنهم كانوا على جزم صارم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو حجبها فهي أمارة على أنه أعتقها وتزوجها، ولم يكن جزمهم هذا إلا لأنهم كانوا يعرفون أن الحجاب مختص بالحرائر، وأنه أكبر ميزة، وأعظم فارق في معرفة الحرة من المملوكة، فإذا حجبها فلابد وأن تكون حرة، والحرة لا تصلح أن تكون سُرِّيَّة، فهي إذن من أزواجه وأمهات المؤمنين.


(١) الطبقات الكبرى لابن سعد، ٨/ ١٢١، وبنحوه: مسند أحمد، ١٩/ ٢٦٨، برقم ١٢٢٣٩، وأبو عوانة، ٣/ ٢٠٣، وقال محققو المسند، ١٩/ ٢٦٨: «إسناده صحيح على شرط مسلم».
(٢) نظرات في حجاب المرأة المسلمة، ص ٩٧.

<<  <   >  >>