للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا لِخِطْبَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ» (١).

قال الشيخ أبو هشام الأنصاري - رحمه الله -: «إن رفع الجناح عن إظهار التزين في هذه الحالة المخصوصة لأجل هذه المصلحة الخاصة دليل على أن في إظهار التزين في عامة الأحوال جناحًا وإثماً.

والدليل على تغاير حكم الخطبة عن حكم عامة الأحوال أن الخاطب أبيح له النظر إلى المخطوبة، بل هو مأمور بذلك أمر حض وإرشاد، أو أمر استحباب وندب، بينما هو مأمور بغض البصر عن الأجنبيات، وحرم عليه النظر إليهن إلا النظرة الأولى، أو نظرة الفجأة التي تصدر منه من غير عمد وقصد، والذين لهم إلمام بقواعد الشريعة يعرفون جيدًا أن تقييد إِباحة الشيء أو جوازه أو رخصته بحالة خاصة دليل على تحريمه في الأصل، كما أن ما حرم تحريم الوسائل فإنه يباح للحاجة أو المصلحة الراجحة (٢)، فجواز أو إباحة إظهار التزين - الذي يعده البعض كشف الوجه - للمخطوبة دليل على تحريم إظهار تلك الزينة في عامة الأحوال.

وصنيع الفقهاء والمحدثين يرشد إلى ما قلنا؛ فإن عامتهم بوبوا


(١) أخرجه الإمام أحمد ٣٩/ ١٥، برقم ٢٣٦٠٢، والطحاوي، ٣/ ١٤، والطبراني في الأوسط، ٦/ ٩٩، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: «ورجال أحمد رجال الصحيح»، وسكت عليه الحافظ في التلخيص الحبير، ٣/ ١٤٧، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٩٧، وصححه محققو المسند، ٣٩/ ١٥،.
(٢) انظر: زاد المعاد، ٢/ ٢١٣.

<<  <   >  >>