للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنهما زوجان بعقد، أُشْهِد عليه أبو هريرة - رضي الله عنه -، ولو رآها «الديوث» زوجها وهي على هذه الحال، لما تحركت منه شعرة؛ لموات غيرته، نعوذ باللَّه من موت الغيرة، ومن سوء المنقلب.

وأين هؤلاء الأزواج من أعرابي رأي من ينظر إلى زوجته، فطلّقها غيرة على المحارم، فلما عُوتب في ذلك، قال قصيدته الهائية المشهورة، ومنها:

وأترك حبَّها من غير بغضٍ ... وذاك لكثرة الشركاءِ فيه

إذا وقع الذبابُ على طعامٍ ... رفعتُ يدي ونفسي تشتهيه

وتجتنب الأسودُ ورودَ ماءٍ ... إذا رأتِ الكلابَ وَلَغنَ فيه (١)

وأين هؤلاء الأزواج من عربية سقط نصيفها -خمارها- عن وجهها، فالتقطته بيدها، وغطَّت وجهها بيدها الأخرى، وفي ذلك قيل:

سَقَطَ النَّصِيفُ ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتَّقَتْنا باليد

وأعْلَى من ذلك وأجلُّ: ما ذكره اللَّه سبحانه في قصة ابنتي شيخ مدين: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} (٢)، فقد جاء عن عمر


(١) أورده الدميري في حياة الحيوان الكبرى، ١/ ١١، ولم ينسبه لشاعر معين، بينما ذكر الأبيات صاحب المستطرف، ١/ ١٠٤، باختلاف في البيت الأول، وأورد الأبيات في قصة طويلة طريفة، ونسبها لامرأة رجل اسمه فيروز، غلام أحد الملوك، وكذلك أوردها في غذاء الألباب، ٢/ ٤٢، ولم ينسبها لأحد.
(٢) سورة القصص، الآية: ٢٥.

<<  <   >  >>