للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرغ منها]: «أأنتن على ذلك؟»، فقالت امرأة واحدة لم يجبه غيرها منهن: نعم يا نبي اللَّه، ثم قال: «هلمّ لكنَّ فداكن أبي وأمي»، فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ بِأَيْدِيهِنَّ يَقْذِفْنَهُ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ، وفي رواية: [فجعلن يلقين الفتخ والخواتم في ثوب بلال]، ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَبِلَالٌ إِلَى بَيْتِهِ» (١).

قال ابن حزم: «فهذا ابن عباس بحضرة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - رأى أيديهن فصحَّ أن اليَدَ من المرأة والوجه ليسا بعورة، وما عداهما ففرض ستره» (٢).

والجواب: أنه ليس في الحديث ذكر الوجه بحال، فأين فيه ما يدل على أن وجه المرأة ليس بعورة؟

وفي الحديث ذكر الأيدي ولكن ليس فيه تمرير بأنها كانت مكشوفة حتى يتم الاستدلال به على أن يد المرأة ليست بعورة.

غاية ما فيه أن ابن عباس - رضي الله عنهما - رآهنّ يهوين بأيديهن (٣)، ولم

يذكر حسرهنّ عن أيديهنّ، وإذا كان الحديث محتملًا لكل من الأمرين لم يصحَّ الاستدلال به على أن يد المرأة ليست بعورة، فإن الدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال، واللَّه تعالى أعلم.


(١) رواه البخاري برقم ٩٧٩، ومسلم، برقم ٨٨٤، وسبق تخريجه، والزيادات في هذه الرواية من مسند الإمام أحمد، ٥/ ١٨٩، برقم ٣٠٦٣، ومصنف عبد الرزاق، ٣/ ٢٧٩، برقم ٥٦٣٢، وانظر: سنن أبي داود، برقم ١١٤١، وسنن النسائي، برقم ١٥٨٨.
(٢) المحلى، ٣/ ٢١٧.
(٣) ولعل صغر سنه المنوه في صدر الحديث يقضي بأن يغتفر له حضور موعظة النساء.

<<  <   >  >>