الآية، ولم يقل:(وقل لنساء المدينة)؛ لكن الأمر توجه لمن شرفهن اللَّه تعالى بالإيمان مطلقاً.
والقرآن اليوم يخاطبنا كما خاطب رسولَ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - من قبل، فنحن اليوم أيضاً لا نخاطب الكوافر والفواسق بستر الوجه، وإنما نخاطب المؤمنين والمؤمنات، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وإذا كانت المرأة غير مسلمة، أو مسلمة اجترأت على هتك أوامر اللَّه، وتعمدت كشف زينتها - وهذا ما عمت به البلوى في زماننا - فالواجب هنا - على الأقل - أن يؤمر الرجل بغض البصر، مع العلم بأن هذا لا يقتضي أن ما فعلته هذه المرأة من كشف الوجه وغيره تجيزه الشريعة بغير عذر أو مصلحة.
الوجه الثاني: أن اللَّه تبارك وتعالى أمر بغض البصر؛ لأن المرأة - وإن تحفظت غاية التحفظ، وبالغت في الاستتار عن الناس - فلابد أن يبدو بعض أطرافها في بعض الأحيان كما هو معلوم بالمشاهدة من اللاتي يبالغن في التحجب والتستر؛ فلهذا أمر الرجال بغض البصر عما يبدو منهن في بعض الأحوال.
وهذا الأمر بالغض لا يستلزم أنها تكشف ذلك عمداً وقصداً، فكم من امرأة تحرك الريح ثيابها، أو تقع فيسقط الخمار عن وجهها من غير قصد منها فيراها بعض الناس على تلك الحال، كما قال النابغة الذبياني: