للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عثمان وعبد الرحمن بذنَب الشعب، فلم يصعد إليهن أحد» (١).

ومن المقطوع به أن أمهات المؤمنين كن يحتجبن حجابًا شاملاً جميع البدن بغير استثناء، ومع هذا قال عثمان - رضي الله عنه -: «ولا ينظر إليهن أحد» يعني إلى شخوصهن، لا إلى وجوههن لأنها مستورة بالإجماع، ومع ذلك نهى عن النظر إلى شخوصهن تعظيمًا لحرمتهن، وإكبارًا وإجلالًا لهن، وذلك لشدة احترام الصحابة رضوان اللَّه عليهم أمهات المؤمنين رضي اللَّه عنهن، ويستفاد من هذا أن مِنْ حِفظ حرمة المؤمنة المحجبة غضَّ البصر عنها -

وإن تنقبت، خاصة وأن جمالها قد يعرف، وينظر إليها -لجمالها وهي مختمرة؛ وذلك لمعرفة قوامها أو نحوه، وقد يعرف وضاءتها وحسنها من مجرد رؤية بنانها كما هو معلوم، ولذلك فسَّر ابن مسعود - رضي الله عنه - قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بأن الزينة هي الملاءة فوق الثياب، ومما يوضح أن الحسن قد يعرف مع الاحتجاب الكامل قول الشاعر:

طافَتْ أُمامَةُ بالركبانِ آونَةً ... يا حُسْنَها مِن قوام ما وَمنْتَقِبا

فقد بالغ في وصف حسن قوامها مع أن العادة كونه مستورًا بالثياب لا منكشفاً، وهو يصفها بهذا الحسن أيضاً مع كونها منتقبة، ومن ثم قال العلماء: إنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى بدن المرأة


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى، ٨/ ٢١٠، وقال الشيخ الألباني في جلباب المرأة المسلمة، ص ١١١: «وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات».

<<  <   >  >>