للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في السنة الخامسة، ثم جاء الأمر بغض البصر في السنة السادسة بعد عام من شيوع الحجاب وامتثال المجتمع الإسلامي للأمر بالحجاب حتى صار هو القاعدة.

ومن هنا يتضح أن استنباط البعض من الأمر بغض البصر أن وجوه النساء كانت سافرة غير صحيح، بدليل أن الأمر بالحجاب نزل أولاً، وامتثله نساء المؤمنين، ثم نزل في السنة التي تليها الأمر بغض البصر، ولعّل الحكمة في ذلك أن الأمر بغض البصر مع بقاء الوجوه سافرة قد يشق على بعض النفوس، ولكنه مع الحجاب أيسر، ومن ثم فإن الأمر بغض البصر نزل تأكيدًا للحجاب القائم فعلًا، أي أنه - أي إطلاق البصر - لا يجوز للمرأة الأجنبية، وإن كانت محجبة سدّا للذرائع، ودرءًا للفتنة، فتناولت الشريعة الحكيمة إخماد الفتنة وسد ذريعتها من الجانبين: من جانب المرأة حيث كلفتها بالحجاب، ثم من جانب الرجل حيث كلفته بغض البصر.

ولقد صار الحجاب بعد نزول الأمر بغض البصر في سورة النور أصلاً من أصول النظام الاجتماعي في الدولة المسلمة، واستمر عليه المسلمون قروناً مديدة، ولم يستطع أحد أن يشكك في وجوب التزامه، ولم يطالب أحد ببتر جزء من هذا الحجاب خوفًا من تفريغ آية غض البصر من مضمونها، أو تعطيلها عن مجال عملها، تاللَّه إنها لشبهة أوْهَى من بيت العنكبوت يغني فسادها عن إفسادها.

الوجه السادس: أن الأمر بغض البصر مطلق، فيشمل كل ما

<<  <   >  >>