التصريح بأنها كانت كاشفة عن وجهها، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآها كاشفة عنه، وأقرها على ذلك، بل غاية ما في الحديث أنها كانت وضيئة، وفي بعض روايات الحديث: أنها حسناء، ومعرفة كونها وضيئة أو حسناء لا يستلزم أنها كانت كاشفة عن وجهها، وأنه - صلى الله عليه وسلم - أقرها على ذلك، بل قد ينكشف عنها خمارها من غير قصد، فيراها بعض الرجال من غير قصد كشفها عن وجهها».
إلى أن قال - رحمه الله -: «ويحتمل أن يكون يعرف حسنها قبل ذلك الوقت لجواز أن يكون قد رآها قبل ذلك وعرفها، ومما يوضح هذا أن عبد اللَّه بن عباس - رضي الله عنهما - الذي روى عنه هذا الحديث لم يكن حاضراً وقت نظر أخيه إلى المرأة، ونظرها إليه لما قدمنا من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَدَّمه بالليل من مزدلفة إلى منى في ضعفة أهله (١)، ومعلوم أنه إنما روى الحديث المذكور من طريق أخيه الفضل، وهو لم يقل له: إنها كانت كاشفة عن وجهها، واطلاع الفضل على أنها وضيئة حسناء لا يستلزم السفور قصداً لاحتمال أن يكون رأى وجهها وعرف حسنه من أجل انكشاف خمارها من غير قصد منها، واحتمال أنه رآها قبل ذلك وعرف حسنها.
فإن قيل: قوله إنها وضيئة، وترتيِبه على ذلك بالفاء قوله:«فطفق الفضل ينظر إليها»، وقوله:«وأعجبه حسنها» فيه الدلالة الظاهرة
(١) انظر مثلاً: صحيح البخاري، برقم ١٦٧٨، ومسلم، برقم ١٢٩٣، وغيرهما.