النظر إليها، وبذلك يُعْلم أنها محرمة لم ينظر إليها فكشفها عن وجهها إذًا لإحرامها لا لجواز السفور (١).
فإن قيل: كونها مع الحجاج مظنة أن يرى الرجال وجهها إن كانت سافرة لأن الغالب أن المرأة السافرة وسط الحجيج، لا تخلو ممن ينظر إلى وجهها من الرجال، فالجواب: أن الغالب على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الورع وعدم النظر إلى النساء، فلا مانع عقلًا ولا شرعًا ولا عادة من كونها لم ينظر إليها أحد منهم، ولو نظر إليها لحُكي كما حُكيَ نظر الفضل إليها، ويفهم من صرف النبي - صلى الله عليه وسلم - بصر الفضل عنها أنه لا سبيل إلى ترك الأجانب ينظرون إلى الشابة وهي سافرة كما ترى، وقد دلت الأدلة المتقدمة على أنها يلزمها حجب جميع بدنها عنهم.
وبالجملة فإن المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام الرجال الأجانب مع أن الوجه هو أصل الجمال، والنظر إليه من الشابة الجميلة هو أعظم مثير للغرائز البشرية وداعٍ إلى الفتنة والوقوع فيما لا ينبغي، ألم تسمع
(١) وقد استدل ابن بطال بحديث الخثعمية على أن ستر وجه المرأة ليس بفرض، ثم قال: «لإجماعهم على أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة، ولو رآه الغرباء»، غير أن الحافظ تعقبه بقوله: «وفي استدلاله بقصة الخثعمية لِما ادعاه نظر، لأنها كانت محرمة» فتح الباري، ١١/ ١٢.