المسلمين وولاة أمورهم أن يسوسوا أممهم سياسة إسلامية، يحتذون فيها حذو رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، ويهتدون بهديه، ويقتفون فيها أثر خلفائه الراشدين؛ ليسعدوا وتسعد أممهم، ويحمدوا العاقبة في الأولى والآخرة، وليحذروا أن يخالفوا شريعة الإسلام ونهجها القويم، فيلقوا بأيديهم إلى التهلكة، اتباعاً لهواهم، وتقليداً لدول الكفر في الحكم في رعيتهم، وفي عاداتهم وانحرافهم في أخلاقهم، وفي ثقافتهم، بإدخالهم اللهو والمجون في دور التعليم، وخلطهم الإناث بالذكور فيها، إلى غير ذلك من ألوان الشر والفساد، فإنهم إن فعلوا ذلك انحلت عروتهم، وضعفت شوكتهم، وهانوا على اللَّه فأهانهم، وحقت عليهم كلمة العذاب، وذلك جزاء المفسدين.
وأخيرا لا يوجد في قول البشر أجمل ولا أكمل ولا أحكم ولا أشمل من وصية ونصيحة من أوتي جوامع الكلم - صلى الله عليه وسلم -، إذ يقول:«ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»(١).
ويقول: «ما من عبد استرعاه اللَّه رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم
(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، برقم ٨٩٣، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر ... ، برقم ١٨٢٩، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.