للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} ألا يراها أحد» (١).

وقال الزمخشري: «وعن ابن زيد: كل ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنى إلا هذه الآية؛ فإنه أراد به الاستتار» (٢).

قال العلامة الشنقيطي - رحمه الله -: «وَمَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِحِفْظِ الْفَرْجِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الِاسْتِتَارُ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا حِفْظُهُ مِنَ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ، وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ تَقْدِيمُهُ الْأَمْرَ بِغَضِّ الْبَصَرِ عَلَى الْأَمْرِ بِحِفْظِ الْفَرْجِ; لِأَنَّ النَّظَرَ بَرِيدُ الزِّنَا» (٣).

ووجه دلالة قوله تعالى: {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} على وجوب الحجاب على المرأة عن الرجال الأجانب: أن اللَّه تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن، والأمر بحفظ الفرج أمرٌ بحفظه، وبما يكون وسيلة إليه، ولا يرتاب عاقل أن من وسائل حفظ الفرج تغطية الوجه؛ لأن كشفه سبب للنظر إليها، وتأمل محاسنها، والتلذذ بذلك، ثم الوصول إلى الاتصال، وفي الحديث: «العينان تزنيان وزناهما النظر» إلى أن قال: «والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» (٤)، فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد (٥).


(١) تفسير القرآن العظيم، ١٠/ ٢١٧.
(٢) تفسير الزمخشري، ٣/ ٢٢٩. ونقله عنه الشنقيطي في أضواء البيان، ٦/ ١٨٨.
(٣) أضواء البيان، ٦/ ١٨٨.
(٤) البخاري، برقم ٦٢٤٣، ومسلم، برقم ٢٠٤٦، وتقدم تخريجه.
(٥) انظر: رسالة الحجاب، للعلامة محمد بن صالح العثيمين، ص ٧، وهي في مجموع فتاوى ابن عثيمين.

<<  <   >  >>