للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ، وَلَفْظُهُ: «ذَكَرْنَا عِنْدَ عَائِشَةَ نِسَاءَ قُرَيْشٍ وَفَضْلَهُنَّ، فَقَالَتْ: إِنَّ لِنِسَاءِ قُرَيْشٍ لَفَضْلًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ أَشَدَّ تَصْدِيقًا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَا إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ، وَلَقَدْ أُنْزِلَتْ سُورَةُ النُّورِ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}، فَانْقَلَبَ رِجَالُهُنَّ إِلَيْهِنَّ يَتْلُونَ عَلَيْهِنَّ مَا أُنْزِلَ فِيهَا، مَا مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا قَامَتْ إِلَى مِرْطِهَا فَأَصْبَحْنَ يُصَلِّينَ الصُّبْحَ مُعْتَجِرَاتٍ، كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانُ» (١).

قال العلامة الشنقيطي - رحمه الله -: «وَمَعْنَى مُعْتَجَرَاتٍ: مُخْتَمِرَاتٍ، كَمَا جَاءَ مُوَضَّحًا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا، [الاعتجار: هو لفّ الخمار على الرأس، وردُّ طرفه على الوجه، ولا يعمل منه شيئ تحت الذقن] (٢)، فَتَرَى عَائِشَةُ - رحمه الله - مَعَ عِلْمِهَا، وَفَهْمِهَا، وَتُقَاهَا أَثْنَتْ عَلَيْهِنَّ هَذَا الثَّنَاءَ الْعَظِيمَ، وَصَرَّحَتْ بِأَنَّهَا مَا رَأَتْ أَشَدَّ مِنْهُنَّ تَصْدِيقًا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَا إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ، وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ فَهْمَهُنَّ لُزُومَ سَتْرِ الْوُجُوهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} مِنْ تَصْدِيقِهِنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَإِيمَانِهِنَّ بِتَنْزِيلِهِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ احْتِجَابَ النِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ، وَسِتْرَهُنَّ وُجُوهَهُنَّ تَصْدِيقٌ


(١) فتح الباري، لابن حجر، ٨/ ٤٩٠، وتفسير ابن أبي حاتم، ٨/ ٢٥٧٥، برقم ١٤٤٠٥، وانظر: سنن أبي داود، برقم ٤١٠٠، و٤١٠١. وقال الألباني في جلباب المرأة المسلمة، ص ٨٠ «في سنده الزنجي بن خالد، واسمه مسلم، وفيه ضعف، لكنه قد توبع عند ابن مردويه».
(٢) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، ٣/ ١٥٨.

<<  <   >  >>