وهو يعارض حديث أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن ... ) رواه مسلم. والجمع بينهما أن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره، والإذن في غير ذلك الوقت. أو أن النهي خاص بكتابه غير القرآن في شيء واحد، والإذن في تفريقهما. أو النهي متقدم والإذن ناسخ له عند الأمن من الالتباس وهو أقربهما، ولا ينافيهما. وقيل: النهي خاص بمن خُشي منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ، والإذن لمن أمن منه ذلك. ومنهم من أَعَلَّ حديث أبى سعيد وقال: الصواب وقفه على أبي سعيد، قاله البخاري وغيره. قال العلماء: كره جماعة من العلماء والتابعين كتابة الحديث، واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظاً كما أخذوا حفظاً، لكن لما قصرت الهمم، وخشي الأئمة ضياع العلم دونوه. وأول من دون الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المئة، بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين، ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير، فَلِلَّه الحمد". وانظر "المحدث الفاصل" ص (٣٦٣ - ٤٠٢)، وجامع بيان العلم ١/ ٦٣ - ٧٧، وألفية السيوطي بتحقيق الشيخ أحمد شاكر ص (١٤٥ - ١٤٧). وفتح المغيث في شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي ص (٢٣٠ - ٢٣١). (١) في (مص، ظ، م): "تبلغوني".