وفي هذا الباب، ان النبي صلّى الله عليه وسلم لما مرض جزع اصحابه لمرضه، فكانوا معه وحوله ومسجده بهم مثل الرمانة، وعنده في بيته ازواجه وعماته وبناته، فكان/ اذا وجد خفّا خرج فصلى بهم، فاشتد به يوما مرضه فقالوا:
الصلاة يا رسول الله، فقال: ما أستطيع الخروج، صلوا، قالوا: يا رسول الله من يصلي قال: يؤذّن بلال ويصلّي أبو بكر.
ففي قولهم: من يصلّي، دليل على انه ما استخلف رجلا بعينه، لأنه لو كان فعل ذلك لما قالوا من يصلي ولا خفي عليهم مكانه، كما لا تخفى عليهم القبلة وقد فرغ لهم منها، فلا يقولون الى اين نصلي. وأكد ذلك ايضا بقوله: يصلي بكم ابو بكر، ولو كان قد استخلف رجلا بعينه لقال:
او ليس قد استخلفت عليكم عليا، فكيف نسيتم مع قرب العهد، ولأمر عليا بالصلاة.
فان قيل: ومن سلم لكم هذا، وإنما عائشة قالت له لا رسول الله، وأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما احس به خرج وصرفه.
قيل لهم: انه ليس لرسول الله عهد اوثق ولا عهد اوضح من عهده الى ابي بكر في الصلاة بالناس في مرضه، فانه عقد كان منه في بيته وبحضرة أصحابه، الذين صفتهم على المحافظة على دينه الصفة التي قدمنا، والعلم بذلك يجري مجري مرضه في بيت عائشة ودفنه فيه، ومجرى العلم بأن ابا بكر وعمر دفنا عنده؛ والعجيب ممن يقول: قد علمنا ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:
من كنت مولاه معلّي مولاه وعليّ مني بمنزلة هرون من موسى، وقال:
انفذوا جيش اسامة، وينكر امر ابي بكر في الصلاة بالناس، وهذا من