للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العناد الشديد والجهل الفائض، وهو كمن قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما اختار أبا بكر للهجرة معه ولا كان معه في الغار، ولا اختصه بأن يكون معه في العريش يوم بدر دون الناس كلهم، ولا كان معه في بيعة الرضوان، ولا اقامه مقام نفسه في الحج بالناس في سنة تسع ولم يقدم غيره في ذلك، وهو اول امير حج بعده صلّى الله عليه وسلم/ في حياته من المدينة.

ولقد امر ابو بكر بالصلاة، فصلى بجميع اصحابه وأهل بيته كالعباس وعليّ وجميع بني هاشم ومواليه، وهو ينظر اليهم من بيته وفي مسجده وهم يصلون خلف ابي بكر، فصلى بهم ابو بكر [عدة] «١» ايام. ففي بعض تلك الايام يخرج رسول الله ويصلي معهم، وفي بعضها يخرج وقد فرغ ابو بكر فيجلس معهم، وفي بعضها يحس به ابو بكر فيتنحى ويقدمه ويصلي بهم. لا يتدافع اهل العلم من الصحابة والتابعين والذين يلونهم والذين يلونهم في ذلك. ولقد صلى بهم ابو بكر الظهر في اليوم الذي مات فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل دفنه وقبل البيعة له بذلك العهد الذي كان من رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا ينازعه في ذلك احد.

وقد روى هذا الحديث وأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأبي بكر بالصلاة علي بن ابي طالب، ذكر ذلك في خلافته وعلى منبره مرات كثيرة، ورواه العباس وابنه عبد الله، وذكره عمر على منبره في خلافته، ورواه ابو عبيدة، وعبد الله بن مسعود، وأنس بن ملك، والبراء بن عازب، وسالم بن عبد الله، وعبد الله بن زمعة، ومن لا يحصى كثرة من المهاجرين والانصار. وانما كان سبب ذكرهم له، لأنهم كانوا يذكرون مرض رسول الله وكيف صنع، وانما


(١) في الاصل فراغ املأته بعدة، ويمكن ان يقرأ بدونها فنقول حينذاك: فصلى بهم ابو بكر أياما.