للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقمع اعداء رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لينضبط الأمر ولا ينشر «١» ؛ فقد كان معهم وحولهم اليهود وقبائل العرب من النصارى، وقد كانوا راسلوا ملوك الروم وأطمعوهم في الاسلام، ومسيلمة مقيم على حربهم وكذا طليحة، وقد ارتد من ارتدّ، فكان الصواب في المبادرة الى إقامة امير، فلما قيل لهم: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد قال: الأئمة من قريش سمعوا وأطاعوا، وقصدوا الى افضل قريش في انفسهم فعقدوا له وقاتلوا بين يديه كما كانوا يقاتلون بين يدي رسول الله، وتفانوا في طاعته؛ ولو أرادوا الملك والدنيا لما أطاعهم المهاجرون ولا غيرهم، فإن البلاد بلادهم، والبادية باديتهم، والبأس والنجدة والكثرة لهم وفيهم، وانما المهاجرون ضيفانهم ونزال عليهم، وبهم عزّوا، وبهم صار رسول الله صلّى الله عليه وسلم في عساكر وجماعات، وبهم غزا العدو وقد كان صلّى الله عليه وسلم وهو مقيم بمكة منذ دعا الى النبوة خمسة عشر سنة يعرض نفسه في المواسم على قبائل العرب، ويتلو القرآن، ويدعو الى الله؛ فسمعته/ قبائل الأوس والخزرج، وأصغوا الى دعوته، وأجابوه الى معاداة ملوك الأمم وجبابرة الأرض في طاعته، وأن ينفقوا اموالهم، ويسفكوا دماءهم في نصرة دينه، وأن يطيعوه حيا وميتا. فلما أجابوه الى ذلك، أمر اصحابه بالهجرة اليهم، فقبلوهم وأظهروا الاسلام في المدينة وفي قبائلهم وبواديهم، فهاجروا اليهم فوفوا بجميع ذلك، وكان باطنهم في الايمان كظاهرهم، فلهذا أسماهم الله الانصار وكذا المهاجرون، ولهذا قال الله: «لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ، يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً، وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» «٢» فأخبر عزّ وجل عن صحة نياتهم وصدق


(١) يقصد: كي لا يتفرق المسلمون
(٢) الحشر ٨