للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمعه إلا ردّه وأنكره، ولا رأى معروفا إلا شيده وقوّاه ونصره. وكان ظاهره كباطنه، وسره كعلانيته. وكان لا يخاف الجبابرة الطغاة الذين يخافهم البشر فكيف [يخاف] «١» ابا بكر وعمر وعثمان، ولا يخاف سلطانهم محق ولو انه عبد او امرأة او ذمي كما تقدم شرح ذلك؟ لتعلم ان معونته لهم ونصرته لسلطانهم وطاعته لهم في حياتهم وتنفيذه وصاياهم بعد موتهم لأنهم أئمة هدى.

وقد كتب رضي الله عنه الى معاوية «٢» : بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله علي امير المؤمنين الى معاوية بن ابي سفيان. اما بعد، فان بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم على ما بويعوا عليه، فلم يكن للشاهد ان يختار ولا للغائب ان يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والانصار، فاذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما كان ذلك رضى لله، فان خرج من امرهم ردوه الى ما خرج منه، فان ابى قاتلوه على ابتغائه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا.

فما دخل معاوية فيما دخل فيه المسلمون، فان احب الامر اليّ فيك العافية الا ان تتعرض للبلاء، فان تعرضت قاتلتك واستعنت بالله عليك، فقد اكثرت في قتلة عثمان يرحمه الله. فادخل فيما دخل فيه الناس، ثم حاكم القوم الي احملك وإياهم على الحق وعلى كتاب الله، فأما تلك التي تريدها فهي خدعة الصبي عن اللبن، ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان رضي الله عنه. واعلم يا معاوية انك من الطلقاء


(١) اضافة على الاصل يقتضيها السياق
(٢) كتب في الحاشية: كتاب علي رضي الله عنه الى معاوية