للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذين لا يحل لهم الخلافة ولا يعرض فيهم الشورى، وقد/ اتاك ومن قبلك جرير بن عبد الله «١» ، وهو من اهل الايمان والهجرة فبايع، ولا قوة إلا بالله.

فانظر هل يحتج الا بالاختيار وبالشورى وبالاجماع وبسنة الخلفاء قبله، فهم عنده حجة وقدوة، وكم يقول ويبين ان الامامة الى المهاجرين والانصار فمن بايعون وعقدوا له كان اماما؛ فهو يحتج بأن طاعته طاعة الخلفاء قبله، وعند الامامية ان التدين بالاختيار وبالشورى والاقتداء بأبي بكر وعثمان شرك وكفر، وهم مع هذا يدّعون انهم شيعة لأمير المؤمنين، فهل سمعت بأعجب من هذا.

وانظر مكاشفته بالحق لمعاوية، وقوله في كل انسان ما فيه، وقوله له انك اظهرت الطلب بدم عثمان وما ذاك قصدك ونيتك، وانما نيتك وقصدك وضميرك الملك والدنيا، ولم يكن لك سابقة في الدين تحل لك بها الخلافة، فما تأخذه رضى الله عنه لومة لائم ولا يتقي احدا من المخلوقين. وكان يقول:

ايها الناس، انما اهلك من كان قبلكم خبث اعمالهم حين لم ينههم الربانيون والأحبار فيأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، فان ذلك لن يقدم من أجل ولن يؤخر رزقا. وكان يقول: لا خير في قوم لا يرون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فرضا، ولا خير في قوم يأمن بينهم اهل المعاصي ويعملون بينهم بالكبائر. وكان يقول: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اقرب الشهداء مني وأفضلهم عندي بعد حمزة وجعفر من قام الى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» «٢» .


(١) هو جرير بن عبد الله البجلي المتوفي سنة ٥١ هـ.
(٢) انظر شرح الجامع الصغير ١: ٦٤. وقد اورده الحاكم عن جابر بلفظ آخر.