للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير العرب وسيما قريش، فكيف بهم مع رجل يقيم على هجومهم خمسا وعشرين سنة بكتاب يتلو فيه ليلا ونهارا مثل قوله: «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ» ،»

وقوله: «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا، أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا» «٢» ومثل قوله: «مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً، صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ» «٣» ، ومثل قوله: و «لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها، أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ، أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ» «٤» ، ومثل هذا كثير، فتأمل تجده، وتأمل ما في هذا من الادلال بالحق والدعاء إلى البحث والنظر، وعرض ما معه على عقول العقلاء لينظروا/ فيما أتاهم به، والمبطل لا يفعل هذا.

فتأمل مذاهب النصارى والمجوس فإنهم يمتنعون عن البحث والنظر والتفتيش والقياس، وكذا يصنع الفلاسفة، فإنهم ينهون أصحابهم عن المتكلمين ويقولون: هؤلاء سوفسطائية، ويقتصرون على الرضا عن أنفسهم والعجب بما معهم.

وانظر إلى هذه الطائفة: القرامطة التي قد طبقت الأرض، وفيها الملك، واستهوت الأمم، كيف يحلفون من يجيبهم على كتمان ما يلقونه إليه، وأن لا يخرج به إلى أحد، ولا يشكو ما به إلى أحد، ولا يعرض ما معه على أحد لينظر


(١) الجاثية ٤٣
(٢) الفرقان ٤٣
(٣) البقرة ١٧١
(٤) الأعراف ١٧٩