للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: إن محمدا أخبرني، وو الله ما كذب قط قبل أن يقول إن ربه أرسله فكيف الآن، إن ربه أوحى اليه في هذه الليلة أنه سلط الأرضة على الصحيفة التي تمالأتم على كتبها علينا فأكلت منها كل موضع فيه ذكر عقوق وقطيعة ومأثم، فانظروا فيما ذكر، فإن كان الأمر على ما قال فعلام تستجيزون ما أنتم عليه.

فأحضرت الصحيفة وفتحت، فوجد الأمر على ما أخبر به النبي صلّى الله عليه وسلم عن ربه، فخزي المشركون، وفرح المسلمون، وفرّج الله عن بني هاشم، فخرجوا من الحصار الذي كانوا فيه، وعادوا إلى ما كانوا عليه، وكان هذا من الفتوح العظيمة.

والأمر في شأن هذه الصحيفة معروف، يعرفه أهل العلم كمعرفتهم بما كتبه النضر بن الحارث بن كلدة من أخبار رستم واسفنديار «١» ، حين دخل/ إلى الفرس يشكو إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويأتي بما يعارض به القرآن. وكالعلم بما كتبه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس مع عبد الله بن حذافة السهمي «٢» ، وبما كتبه إلى قيصر مع دحية بن خليفة الكلبي «٣» وبما كتبه إلى المقوقس ملك مصر مع حاطب بن أبي بلتعة «٤» ، وبما كتبه إلى النجاشي ملك الحبشة. فأهل العلم لا يرتابون بشيء من أمر هذه الصحيفة، كما لا يرتابون بما قدمنا ذكره. فاعرف


(١) النضر بن الحارث هو ابن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف، كان إذا جلس النبي صلى الله عليه وسلم مجلسا جلس النضر بعده فحدث بأخبار ملوك فارس ورستم واسفنديار. مات على الشرك سنة ٢ هـ.
(٢) هو عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي، صحابي أسلم قديما وبعثه النبي إلى كسرى، هاجر إلى الحبشة وحضر فتح مصر وتوفى بها أيام عثمان سنة ٢٣ هـ. الاعلام ٤: ٢٠٦.
(٣) هو دحية بن خليفة الكلبي، صحابي بعثه الرسول إلى قيصر يدعوه للاسلام، حضر كثيرا من الوقائع، نزل دمشق وسكن المزة وتوفي سنة ٤٥ هـ. الاصابة ١: ٤٧٢.
(٤) هو حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، صحابي شهد الوقائع كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه الرسول إلى المقوقس صاحب الاسكندرية، توفى سنة ٣٠ هـ. الاصابة ١: ٣٠٠.