للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: إني لأراك جائعا، هلموا طعاما، قال جبير: لا آكل حتى أخبرك، فإن رأيت أن آكل أكلت. فحدثه بما أخذوا عليه، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

فأوف بعهد الله ولا تأكل من طعامنا ولا تشرب من شرابنا. وتحدث جبير بحديث أهل الدير وما كان من الصورة، وأنه رأى مع صورة النبي صورة أبي بكر قد أخذ بعقب رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: فقال أهل الدير: فهل تعرف هذا الذي أخذ بعقبه، قلت: نعم، قالوا: نشهد أن صاحبكم نبيّ وأن هذا الخليفة من بعده.

ولعظم شأن هذه الآية ما قد أعاد الله ذكرها، فقال: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ، أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ، فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ، إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» «١» فذكر المؤمنين بهذه الآية، وعظم هذه المعجزة، وما احتملت عليه، مع نجاته منهم، وما أغشى أبصارهم حين خرج وهم ينظرونه، وسلامة عليّ رضي الله عنه كما قال له، وما كان من نسج العنكبوت. وفي الحديث الصحيح، أن أبا بكر نظر إلى أقدام المشركين فقال: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدمه لأبصارنا، فقال: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما.

وانظر إلى قوله عز وجل: «إِلَّا تَنْصُرُوهُ» ، أي: فقد عرفتم نصري له حين هاجرتم وتركتموه مع صاحبه وحيدين، فأبطلت كيد المشركين مع


(١) التوبة الآيات ٣٨، ٣٩ ... دلائل- ٢٤