للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محاسنهم. وأنت تجد ما يكون من مساوىء الملوك، وما يكون من غدرهم وظلمهم، وما يلحق كل نقص وفضيحة بهم ظاهرا في دولتهم، مع بقاء مملكتهم واتصال عزهم. فتأمل ذلك شيئا فشيئا تجده ظاهرا مكشوفا، وإن كان ذلك مهيجا لهم، ومسقطا لأقدارهم، وقادحا في نبلهم ورئاستهم، وقد ودّوا أن ذلك لم يكن، روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، قال:

إذا رأيت القوم ينتحون في دينهم دون الجماعة، فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة «١» .

وتأمل أحوال هؤلاء الباطنية الذين قد تستروا بالإسلام «٢» ، وبقراءة القرآن، وبالصلاة والصيام والحج، وإظهار التحقق بأهل البيت، وقد أوثقوا أمورهم بالكتمان وبأخذ الأيمان والعهود على من أجابهم، وتجنبوا استدعاء الأدباء والعلماء والفقهاء، وسلكوا الواسطة، وقصدوا الأطراف البعيدة التي قد استولى على أهلها الغافلة والجهل والقوة، وقصدوا أهل الترفه والعجب والشغل بالدنيا والملك، وتسمّوا بالاسم الحسن من أنهم الشيعة، وغرّوا المسلمين، فانظر إلى فضائحهم مع هذه الأمور كلها.

فإن أبا القاسم الحسن بن الفرح بن حوشب/ بن زاذان الكوفي النجار «٣» ، عرف أهل عدن لاعة وجبال لاعة من أرض اليمن، وأنهم شيعة، فصار إليهم مع أبي الحسين محمد بن علي بن الفضل من أهل جيشان والجند والمذيخرة من أرض اليمن «٤» . وكان هذا أحد المياسير والرؤسا من الشيعة من أهل تلك


(١) جاء في الهامش: قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: إذا رأيت القوم ينتحون في دينهم، إلخ ...
(٢) جاء في الهامش: في ابتداء ظهور الباطنية وهم القرامطة
(٣) انظر الجزء الأول من الكتاب ص ١٠٧
(٤) محمد بن الفضل صاحب دعوة الفاطميين في اليمن، وقد ظهرت الدعوة أول ما ظهرت في لاعة في جبل صبر معجم البلدان ٥: ٧