للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصر، وسلمهم تلك السلامة فظفروا بعدوهم فقتلوا سبعين وأسروا/ سبعين وهزموا الباقين.

وتفهم معنى قوله: «فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ» «١» أي بذلك النصر وذلك التأييد وتلك الآيات والمعجزات استوى لكم قتلهم، «وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى» «٢» لأنه صلّى الله عليه وسلم لما رمى بلغ الله رميته إلى ما لم يكن في وسعه تبليغها وبثها وإيصالها، فما أحد أصابته إلا قتل أو أسر؛ وليس يجوز أن يقول لهم فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ومثل ذلك قد يكون وقد يتفق، وكذا في قوله: «وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى» ووليّه وعدوّه يسمع هذا، وهم قد مارسوا الحروب قبله وجربوها وعرفوها وسمعوا بها، ليعلم أن ذلك شيء انتقضت به العادة وكان فيه آيات ومعجزات. وقد سأل الخصوم فقالوا: إذا كان الملائكة ثلاثة آلاف أو خمسة والمسلمون ثلاثمائة وثلاثة عشر فكيف لم يصطلموا عدوّهم وإنما هم في نحو ألف، وكيف لم يعنه بالملائكة يوم أحد وقد قتل أصحابه، وهو قد كان يوم أحد إلى الملائكة أحوج.

قيل له: قد علمنا بما قدمنا أن الملائكة قد شهدتهم يوم بدر بدلالة امتنانه على المسلمين بذلك والعدوّ والولي يسمعه، فليس في سؤاله قدح في هذا العلم، فإن بيّنا وجه حضورهم فمن طريق التطوع، وهو أنه ليس في حضور الملائكة عليهم السلام سقوط الفرض عن المسلمين في مجاهدة عدوّهم، ولا أذن الله لهم في محاربة العدو، ولكنهم حضروا ليثبتوا الذين آمنوا وليرغبوا الذين كفروا وليقتلوا الواحد بعد الواحد تثبيتا للمؤمنين


(١) الأنفال، ١٧
(٢) الأنفال، ١٧