للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما أريد أن تسد خلتي وأنا فقير، وهو لا يريد أن يكون مريضا ولا محبوسا ولا فقيرا، وإنما يريد أن يعامل بهذه المعاملة وهو في هذه الأحوال، فكذا أراد الله تعذيبهم وهم كافرون، أي في حال كفرهم ولأجل كفرهم وإن كان لكفرهم كارها. ثم قال: «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ» «١» وهذا في قوم من المنافقين معروفين اجتمعوا، فقال بعضهم لبعض: لئن كان ما يقول محمد حقا لنحن شرّ من الحمير، فقال رجل كانوا يظنونه منهم وهو مسلم: والله الذي لا إله إلا هو إنه لحقّ ولأنتم شرّ من الحمير. ثم أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فدعاهم فقال/ أنتم القائلون كذا وكذا، فحلفوا بالله ما قالوا، فأنزل الله ذلك، فقال رجل منهم: قد والله قلنا، وأرى الله قد عرض علي التوبة وبذلها لي، والله لأقبلنها؛ فتاب واعتذر، وهو معروف.

وقد قلت لك: إنك بعقلك تعلم أن هناك قوما «٢» هذه صفتهم وقد قالوا ما حكاه الله عنهم وإن لم نعرف أسماءهم وأعيانهم. وقوله: «وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ» فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعطيهم من الغنائم إذا حضروا الحرب على ظاهر الإسلام، ويعطيهم من الصدقات بظاهر الفقر، فأذكرهم الله بهذه النعم، وهذا كقولك ما لي إليك ذنب إلا نصحي لك ومحبتي إياك.

ثم قال: «وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ. فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ. فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً


(١) التوبة ٧٤
(٢) في الأصل: قوم