للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمر البشر، فتدبر ما يقرأ ويكتب لتعرف أعلام النبوة وتظهر لك حيل المحتالين على المسلمين في تشكيكهم فيها وإخراجهم من الإسلام من حيث لا يشعرون، فإن القوم الذين قدمنا ذكرهم حين كادوا الإسلام تستروا بالتشيع، وقالوا:

يجوز على أنبياء الله وحججه «١» تزكية المشركين ومدح الكافرين وشتم النبيّين والبراءة من الصديقين على طريق الخوف والاتقاء، وإنما قالوا ذلك لما قد قهرهم من مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين لأبي بكر وعمر وعثمان وتلك الجماعة من المهاجرين والأنصار، فقالوا: إن هذا المدح على طريق الخفية من هؤلاء واتقاء لهم ولبأسهم، وأنت ترى مكاشفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم للأعداء في حال الوحدة وهو خائف يترقب، وهو في أيديهم وفي قبضتهم مقهورا مغلوبا، وقد تقدم شرح ذلك، وتقدم لك أيضا أن هؤلاء المهاجرين والأنصار قد علمنا أنهم أحباب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأولياؤه وثقاته وأمناؤه، وأنه كان يحبهم ويتوالاهم، وأن العلم بذلك قبل العلم بنبوته، وأنه قد فرض على أمته وأهل طاعته محبتهم وموالاتهم كما فرض عليهم البراءة من الوليد بن المغيرة، والنضر بن الحرث، وعتبة بن ربيعة وأمثالهم من أعدائه من قريش ومن اليهود والنصارى/ على ما تقدم لك من شرح ذلك، وقد تقدم لك أيضا أن أنبياء الله وحججه لا يجوز أن يتقوا وإن خافوا وإن غلبوا وإن قهروا.

وأعجب الأمور أن رؤساء الجاهلية وأقيال العرب والمتبوعين والمطاعين كعيينة بن حصن، والعباس بن مرداس، وعامر بن الطفيل. وأضرابهم قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنا نحب أن نجلس إليك ونسمع منك ونحن وجوه الناس، وإنما حولك هؤلاء الفقراء والعبيد كصهيب بن سنان، وخبّاب بن الارتّ، وعمّار ابن ياسر، وبلال، وأرواح ثيابهم كأرواح الجلود العطنة، ونكره أن ترانا


(١) جمع حجة