للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيوفهم وأنفذ من رماحهم. وقد رحل بنو النضير حين أجلاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى قريش وبعثوهم على حربه وقصده، وكان من بني قينقاع وقريظة وخيبر ما هو مذكور وشرحه يطول.

فانظر هل ظفروا مع طول هذا الطلب والحرص بزلة أو هفوة أو عثرة أو ما يشبه ذلك. وقد كان منهم باليمن وبعدن وبوادى القرى خلق كثير يمدون هؤلاء الذين بالمدينة ويصنعون صنيعهم في إلقاء الشبه للعرب، فتأمل هذا فكم فيه من نور وهدى.

ولقد كان هؤلاء وجميع أعداء رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتراجعون أمره فيما بينهم، فإذا هم لا يجدون مطعنا ولا مغمزا. كالذي كان من بني قريظة قبل النكث ونقض عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حين قال عمرو بن سعد للزبير بن باطا: «١» أطيعوني وتعالوا نتبع محمدا، فو الله انكم لتعلمون أنه نبيّ قد بشّر به علماؤنا، منهم. ابن الهيبار، وأبو عمير بن حواش ممن قدم الينا من علماء بيت المقدس يتوكفان قدومه «٢» ، وأمرانا باتباعه وأن نقرئه/ منهما السلام، ثم ماتا على دينه ودفناهما بجزيرتنا هذه. فأمسك القوم فلم يتكلم منهم أحد. فأعادوا الكلام، فقال الزبير: قد قرأت صفته في كتاب باطا التي أنزلت على موسى.

وذكروا صلاح بن الهيبار، وأنه حين حضرته الوفاة قال: ما الذي ترون؟

أخرجوني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع، فقالوا: أنت أعلم، قال: أتوكف خروج نبيّ قد أظلكم زمانه، هذه البلدة مهاجره،


(١) هو الزبير بن باطا بن وهب، يهودي عدو للإسلام، انظر سيرة ابن هشام ٢: ٥١٥
(٢) جاء في لسان العرب مادة وكف: توكف الأثر تتبعه، والتوكف التوقع والانتظار، وفي حديث ابن عمير: أهل القبور يتوكفون الأخبار، أي ينتظرونها ويسألون عنها. يقال: هو يتوكف الخبر، أي يتوقعه.