للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس في الأسواق، وله بشأن المسلمين شغل، ولن يبلغ أحدا خبره من سادات العرب وملوك العجم إلا احتقروا أمركم، فأتوه وكلموه في ذلك «١» ، وقالوا له قولا غليظا شديدا، فقال: إنما أنا كاسب أهلي، فإن أنا أضعتهم فأنا لمن وراءهم أضيع، وقد كرهت أمركم وحرصت أن أكون وزيرا فأبيتم إلا بيعتي وأكرهتموني. وكان من أمرهم معه ما هو مذكور.

فتأمل هذه المواطن والمقامات، فكم فيها من دلائل وعلامات على سلامة/ النبوة من كل دنس، وطهارتها من كل لبس.

فإن قيل: أو ليس الرافضة تدّعي أن أبا بكر غلبهم وقهرهم، وأنهم في السقيفة اتزروا بالأزر الصنعانية واقتتلوا على الملك والخلافة؟ قلنا: قد فرغنا من هذا، وبينّا بطلان هذه الدعوى، وأن القوم الذين اعتقدوا نبوة النبيّ صلّى الله عليه وسلم وتدينوا بصدقه واتبعوه بتلك الشرائط التي قدمنا ذكرها، هم الذين اجتمعوا على خلافة أبي بكر واستخلفوه واعتقدوا إمامته فطهارته، وتقربوا إلى الله بطاعته وامتثال وصاياه وأوامره، فلا فرق بين من ادّعى هذا وأن أبا بكر غلبهم وقهرهم وخدعهم وسحرهم، وبين من ادّعى ذلك في رسول الله صلّى الله عليه وسلم وادعى ذلك في أمير المؤمنين، ومن أطاعه واعتقد إمامته. ولا فرق [بين] «٢» من ادعى أنهم لبسوا الازر الصنعانية أو ادعى أنهم تقاتلوا عليها بالسيوف والرماح على الخيول، فإن الملك بمثل هذا يؤخذ لا بالأزر، وإنما هذه دعاوى من يريد تشكيك المسلمين في دينهم لتستوي له المطاعن في نبوة نبيهم صلّى الله عليه وسلم.

وأهل المعرفة يعلمون أن أبا بكر مضى إلى الأنصار وهم أهل العدد والعدة


(١) جاء في الهامش «لما استخلف أبو بكر رضي الله عنه غدا إلى السوق على عاتقه أثواب يبيع ويشتري، فاجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم»
(٢) زيادة مني على الأصل اقتضاها السياق