للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما أتى هؤلاء القوم، وما فيه الناس وراءنا، وما ينبغي لهم أن يأتوا، وقرأت:

«لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ» «١» إلى آخرها، ثم قالت: غضبنا لكم من سوط عثمان فما أنصفنا عثمان إذ لم نغضب له من سيفكم، فهذا شأننا، معروف نأمركم به ونحضكم عليه، ومنكر نحثكم على تغييره وننهاكم عنه.

فخرجا من عندها فأتيا طلحة فقالا له: ما أقدمك؟ قال: الطلب بدم عثمان، قال: أو لم تبايع عليا؟ قال: بلى، وذكر شغب المصريين- الذين غزوا عثمان- في البيعة، وقولهم للناس: من لم يبايع قتلناه، ثم قال: وما أستقيل عليا إن هو لم يحل بيننا وبين قتلة عثمان. ثم أتيا الزبير فسألاه، فقال مثل ما قال طلحة سواء. فهذا الذي أخرجهما لا طلب الإمارة والمنافسة فيها. ثم أقاما بالبصرة وترددت الرسل بينهم وبين أمير المؤمنين، وتقرر الأمر بينهم على أن يقدم أمير المؤمنين عليهم البصرة، ويكون الأمر له، ويستقبلون النظر فيمن غزا المدينة، فأفسد الأمر عليهم ابن السوداء/ وأمثاله، كما تقدم ذكره.

فإن قيل: كيف تقولون ما كان لهم في الإمارة رغبة وهذا عثمان قد قال له عبد الرحمن بن عدس في المصريين ليملأ الكتاب الذي وجدوه عن عثمان إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح في ضرب المصريين المتظلمين وحبسهم، وأن لا يسلم الأمر إلى محمد بن أبي بكر الصديق ولا يلتفت على الكتاب الذي معه، فقالوا له: إمام المسلمين يكتب بضرب المسلمين وحبسهم ويظهر شيئا ويبطن خلافه، فقال: ما كتبت ولا أمرت ولا علمت، قالوا: نصدقك، ولكن تختلع لضعفك عن القيام بها، ولخبث بطانتك. فقال: لا أنزع قميصا قمصنيه الله، فما خلعها «٢» حتى قتل.


(١) النساء ١١٤
(٢) في جعلها، في الأصل