وهذا علي قد خولف عليه، ورجع أصحابه عنه الذين صاروا خوارج، وأرادوه أن يتوب عن الحكومة أو يعتزل الأمر فما فعل، وقاتلهم وقتلوه وما نزل عن الخلافة. وقد سأله أهل الشام أن يعتزل لينظروا في الأمر، وفيمن قتل عثمان، ثم يولون الأمر بعد ذلك من يرون، فما اعتزل، وقد خلعه رسوله وصاحبه الذي أرسله حكما في دومة الجندل فما قبل حكمه.
وقد تولاها الحسن فما اعتزل حتى اضطهده معاوية، وقد أرسل الحسين إلى أهل الكوفة وطلبها، وخرج اليهم لأجلها، فلما أحاط به عدوه أرادوه أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد وعلى حكم يزيد بن معاوية ويبايعه ويقر له بالخلافة ويبرأ من الخلافة، فما فعل حتى قتل، فأية رغبة تكون أشد من هذه الرغبة.
قلنا: الذي عمله عثمان وعليّ والحسن والحسين هو الصواب، وما كان يحل لهم أن يختلعوا، ولو فعلوا لعصوا ربهم، لأنهم كانوا أحق بالأمر ممن ينالهم الاختلاع، وهو فرض قد تعين عليهم القيام به، وقد كانوا أدخلوا فيه/ وصحت البيعة لهم، وإنما قلنا إن المهاجرين الأولين لم يكونوا يرغبون فيها إذا وجدوا من أمثالهم من يقوم بها، فأما بعد دخولهم فيها فلا يحل لهم الافراج عنها وتركها لأجل الجهال الذين خالفوهم فيها، بل يجب عليهم مجاهدتهم إذا وجدوا أعوانا، فإذا لم يجدوا كان لهم أن يعتزلوها إلى أن يجدوا أعوانا كما فعل الحسن رضي الله عنه حين أسلمه أهل الكوفة.
وما يحل لمسلم أن يخلي أئمة الضلالة وولاة الجور إذا وجد أعوانا وغلب في ظنه أنه تمكن من منعهم من الجور كما فعل الحسن والحسين رضي الله عنهما، وكما فعل القرّاء حين أقاموا ابن الأشعث في الخروج على عبد الملك بن