مروان، وكما فعل أهل المدينة في وقعة الحرة، وكما فعل أهل مكة مع ابن الزبير حين مات معاوية، وكما فعل عمر بن عبد العزيز، وكما فعل يزيد ابن الوليد بن عبد الملك، فيما أنكروه من المنكر.
وبزهد المهاجرين الأولين في الخلافة كان يضرب المثل كما قد تقدم ذكر ذلك، وعثمان وعليّ رضي الله عنهما فما عهدا في أحد البتة وأبو بكر وعمر لما عهدا لم يكن العهد في أحد من أولادهما ولا من أهلهما.
ولما عزم معاوية في العهد لابنه يزيد فرق الأموال، وأخذ له على أهل الشام، وأرسل إلى المدينة وكان أميرها من قبله مروان بن الحكم وأبا زرعة روح بن زنباع الجذامي، ففرق الأموال، وقام مروان في الناس خطيبا وقال لهم: إن أمير المؤمنين معاوية قد جعل لكم ملجأ تلجئون اليه بعده وهو ابنه يزيد فقوموا وبايعوا، فلكم كذا وكذا، وذكر ما لمن أطاعه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق: يا بني أمية إن هذا الأمر كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقد كان في أهله من لو جعله فيه لكان أهلا فلم يفعل، وكان لأبي بكر/ وكان في أهله من لو جعله فيه لكان له أهلا، وقد كان في عمر وقد كان في أهله من لو جعله فيه لكان له أهلا فلم يفعل، فأعدتموها يا بني أمية أعجمية، كلما هلك هرقل قام هرقل، فانفلّ الجمع، فقال له مروان: أنت الذي أنزل الله فيك: «وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي»«١» إلى آخر القصة، فسمعت عائشة من وراء الحجرة فقالت:
كذبت، في غيره نزلت، وأما أنت فقد لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أباك وأنت في ظهره.
فاعرف كم في هذا من معنى ودلالة من وجوه كثيرة منها: أن ولد أبي