أشد تقدما عندهم ممن جمع القرآن وقرأه، وما دعوى من ادعى هذا إلا كمن ادعى أن المهاجرين والأنصار كانوا يبغضون عليا لقراءته القرآن ولصلاته الطويلة ولكثرة ما كان يقول لا إله إلا الله.
وقد كان هناك من المهاجرين والأنصار من قد قتل القتل الكثير غير من ذكرنا، وهم أكثر مما يحصون، وما كان هناك أحد من مسلمة الفتح ممن قتل له أمير المؤمنين قتيلا إلا أبو سفيان صخر بن حرب، فإن أمير المؤمنين قتل ابنه حنظلة يوم بدر، وأبو سفيان فهو الذي كان أشد الناس حرصا يوم مات النبي صلّى الله عليه وسلم أن تكون الخلافة في بني عبد مناف، وأن يكون عليّ بن أبي طالب هو الخليفة دون أبي بكر وقد تقدم لك ذكر ذلك.
فأما المهاجرون والأنصار والسابقون فهم كانوا يتولون قتل أحبابهم وأهليهم، ولقد برز أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة إلى أبيه يوم بدر ليقتله فمنعه النبي صلّى الله عليه وسلم من ذلك، وقال له: دعه يقتله غيرك، فقتل أبوه وعمه وأخوه وابن أخيه وغير واحد/ من أهله وهو صابر راض يشكر الله على ذلك وبما وهبه الله لرسوله من النصر، وهذا من أولاد سادات قريش ومن أسلم بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة ثم إلى المدينة، وكم مثله فيهم رضي الله عنهم.
فإن قالوا: وما حرص أبي سفيان أن تكون الخلافة في عليّ؟ قلنا: لأنه من رهطه وبني عمه فأحب أن تكون الخلافة في بني عبد مناف، وكذا أحب العباس وخالد بن سعيد بن العاص، وغير هؤلاء من بني هاشم. غير أن خالد ابن سعيد لم يكن من مسلمة الفتح بل كان ممن أسلم بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة وإلى المدينة، وقد تقدم لك ذكر إسلامه، فتعلم بطلان دعاويهم من كل وجه.
فإن قالوا: فإنا لا نصدق أن أبا سفيان حرص في أن تكون في عليّ دون