أبي بكر، قلنا: لا فرق بين من ادّعى هذا فيه أو في العباس، وأنه جرى بينه وبينه في ذلك قول ولا خوض ولا مراجعة، ولا فرق بين من أنكر هذا أو أنكر السقيفة والشورى، ويمثل ما علمت أنه لم يكن لعلي ولا لعثمان في المهاجرين عدوّ ولا مخالف منهم ولا من غيرهم، تعلم أنه لم يكن لأبي بكر ولا لعمر ولا لأولئك السابقين عدو من المهاجرين ولا من الأنصار ولا من بني هاشم ولا من أحد من الصحابة ولا من السابقين ولا من سائر المسلمين إلى أن حدث من أمر هشام بن الحكم وأمثاله ما حدث، فاعرف ذلك فإنه لو كان يعرف الناس الحال فيه كما عرفوه في غيره مما قد تقدم ذكره من شأن من خالف على عثمان وعليّ وعاداهما، وما كان من شأن سعد بن عبادة فإن من ادّعى هذا كمن ادعى أنه قد كان في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وزمن أبي بكر رافضة وخوارج لتتأكد لك المعرفة من كل وجه ببطلان دعاوى هؤلاء على القوم/ الخلاف يوم موت رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى غير ذلك من دعاويهم. وقد تقدمت لك أدلة العقول قبل أدلة القرآن بمحبة النبيّ صلّى الله عليه وسلم لهؤلاء، وأنه قد فرض محبتهم على الأولين والآخرين من أمته.
فأما دعوى عبد الله بن سبأ وأصحابه فلم تكن من دعوى هشام بن الحكم بسبيل، إنما كان في التفضيل، ثم كان من إنكار أمير المؤمنين ما هو مذكور ثم خرجوا إلى ما خرجوا إليه هؤلاء، وما هم من المهاجرين ولا الأنصار ولا من التابعين، ولا يعرفون بشيء من الخبر البتة.
وقد تقدم لك شدة تمسك المهاجرين والأنصار بدين رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ شريعته بعده، ولقد خرجوا إلى حرب مسيلمة وأهل الردة مبادرين للإنكار عليهم من مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يملكون أنفسهم