للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسلمون فيهم خير كثير، والشرك مقموع بهم هناك، ولهم سيرة حسنة طويلة مذكورة.

واشتغل اسماعيل بأهل الجبال يقتلهم ويشردهم خوفا من أن يثور عليه ثائر مثل أبي يزيد مخلد بن كيداد، وتقدم إسماعيل إلى الفقهاء بأن يتركوا له حلقة في الجامع خاصة له يقعد فيها أصحابه تكون حلقة لجعفر بن محمد، فجلس فيها جماعة لا يختلطون بالفقهاء، وكانوا يتذاكرون في حلقهم ذكر أفلاطن وبطليموس وأرسطو، فقال الناس: هؤلاء ملحدة وزنادقة وأعداء الأنبياء فكيف تكون هذه الحلقة حلقة جعفر بن محمد، وإذا نية إسماعيل غير صافيه في الاسلام، وإنما أظهر الرجوع عن سيرة أبيه/ وجده خوفا مما جرى.

وكان لإسماعيل أخ يقال له يوسف، وكان ينظر في الكتب ويسأل العلماء، وكان فيه فضل، وكان يقول: إنا أولاد النبيّ ولا نعظم إلا أعداء الأنبياء من الفلاسفة، ودعاتنا كل سفلة كذاب، ركاب لكل فاحشة، ولو كنا من أولاد الأنبياء ونحب الأنبياء ما كانت هذه حالنا، ثم يسمى الدعاة واحدا واحدا ويذكرهم بما فيهم، فقد كان فيهم أبو الأسود وكان ينكح بنته.

وقصة يوسف هذا معروفة ومات بأحدابيه في مصيره إلى مصر، وفيما أظن أن ولده بمصر إلى هذه الغاية. ثم إن اسماعيل استخلف ابنه أبا تميم معدّا وجعله وليّ عهده، وسماه بالمعز لدين [الله] «١» . ومات إسماعيل في سنة إحدى وأربعين وثلثمائة، وقام أبو تميم بعده، وسار سيرته، ورفق بالناس وتمكن، وصفت له المغرب فما تحرك عليه أحد، واتسع ملكه وجبى الأموال. ثم تغيّر وقرّب الدعاة فقالوا: هذا هو المهديّ، وهو الذي يملك، وهو الشمس التي


(١) زيادة مني اقتضاها الكلام